البر في بيت النبوة\8

بـرّه ﷺ  بأبيه من الرضاعة

لا يقتصر البر على الأم المرضعة ؛ فالأب من الرضاعة جدير كذلك بالبر والصلة ، وقد كان عليه الصلاة والسلام حريصاً على البر بأبيه من الرضاعة ، كيف لا وقد قضى سني عمره الأولى في عطفه وبيته ونال من رعايته واهتمامه ؛ فكان عليه الصلاة والسلام حريصاً على إسلامه وإكرامه ، وقد سبق ما يخص الثاني في الحلقة السابقة ، أما بالنسبة لإسلامه فقد قال ابن إسحاق:حدثني والدي إسحاق بن يسار عن رجال من بني سعد ابن بكر، قالوا: قدم الحارث بن عبد العزى أبو رسول الله ﷺ  من الرضاعة على رسول الله ﷺ  بمكة حين أنزل عليه القرآن، فقالت له قريش: ألا تسمع يا حار ما يقول ابنك هذا؟

فقال: وما يقول؟

قالوا: “يزعم أن الله يبعث بعد الموت، وأن لله دارين يعذب فيهما من عصاه ويكرم فيهما من أطاعه، فقد شتَّت أمرنا، وفرَّق جماعتنا.

فأتاه فقال: أي بني مالك ولقومك يشكونك، ويزعمون أنك تقول: إن الناس يبعثون بعد الموت ثم يصيرون إلى جنة ونار؟”.

فقال رسول الله ﷺ  : “نعم أنا أزعم ذلك، ولو قد كان ذلك اليوم يا أبت، لقد أخذت بيدك، حتى أعرفك حديثك اليوم”.

فأسلم الحارث بعد ذلك، وحسن إسلامه، وكان يقول حين أسلم: “لو قد أخذ ابني بيدي، فعرّفني ما قال، لم يرسلني إن شاء الله حتى يدخلني الجنة[1].

فتـــأمل رحمته عليه الصلاة والسلام وصدق محبته لأبيه ، تلك المحبة التي كان يدركها جيداً الحارث حتى قال (لو قد أخذ ابني بيدي، فعرّفني ما قال، لم يرسلني إن شاء الله حتى يدخلني الجنة)

[1] أخرجه ابن إسحاق انظر الروض الأنف 1/283 ، والبيهقي في دلائل النبوة ح128 .

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *